الرأي العام والدعم

يسود الشعور بأن الحكومة لديها خطة لتقليص حجم الدعم ـ وليس إلغاءه ـ وأن هذه الخطة تتفق مع توصيات البنك الدولي للعديد من الدول ـ وقد تدخل الرئيس مبارك في الوقت المناسب وقرر عدم اتخاذ أية خطوة للمساس بالدعم وطرح القضية لحوار مجتمعي ليكون الأمر نابعا من المجتمع وليس من الحكومة وحدها أو من البنك الدولي‏,‏ علي أن تستجيب الحكومة للرأي العام في هذه القضية التي تتعلق بالقوت والدواء وضرورات الحياة‏.‏

والشعور العام لدي الفقراء والطبقة المتوسطة أن تحرير الأسعار ـ وصرف البدل النقدي ـ سيزيد غلاء السلع والخدمات الضرورية‏,‏ ولن يكون الدعم النقدي كافيا لمواجهة هذا الارتفاع الذي لا تحكمه قيود ولا تتدخل الحكومة لكبح جماحه استجابة لفلسفة السوق الحرة‏.‏

وفي إطار توجيه الرئيس مبارك بدراسة اتجاهات الرأي العام قبل اتخاذ اية خطوة اجري المركز القومي للبحوث الاجتماعية استطلاعا للرأي العام في‏20‏ محافظة في الريف والمدن أشرفت عليه الدكتورة نجوي الفوال رئيس المركز‏,‏ شمل من لديهم عمل كما شمل العاطلين‏,‏ وشمل أيضا نساء يتحملن مسئولية إعالة الأسرة بعد وفاة الزوج أو بعد الهجر او الطلاق‏,‏ واصحاب المعاشات‏,‏ وتبين ان‏76%‏ منهم فقط لديهم بطاقات التموين و‏24%‏ ليست لديهم بطاقات لأنهم لا يعرفون كيف يحصلون عليها أو لأنهم وجدوا صعوبة في اجراءات الحصول عليها ومعظمهم يعاني من الامية والجهل بالاجراءات والقوانين‏.‏ أما الحاصلون علي البطاقات فإن‏59%‏ لديهم بطاقات الدعم الكلي و‏41%‏ منهم لديهم بطاقات الدعم الجزئي‏.‏ وأهم السلع التي يحرصون علي الحصول عليها هي السكر والأرز والشاي والفول والعدس والمسلي الصناعي مع ملاحظة ان المسلي الصناعي ضار بالصحة‏(‏ كما يحذر الأطباء‏).‏ فضلا عن اتباع اسعارها في الأيام الأخيرة للمرة الثالثة‏.‏

وكانت الشكوي بالإجماع من رداءة بعض السلع ولذلك يتركها اصحاب البطاقات‏.‏ والذين يحصلون علي هذه السلع قالوا إن نوعيتها ليست جيدة ولكن سعرها أقل من اسعار السوق‏.‏ ولذلك فهم مضطرون لشرائها‏.‏ أما رغيف العيش فإن البحث انتهي الي انه لا يمثل الحد الادني للغذاء فقط‏,‏ ولكنه يمثل عاملا من عوامل الامن القومي والاستقرار الاجتماعي‏.91%‏ قالوا إنهم لا يقدرون علي شراء الرغيف غير المدعم وحتي في الريف‏64%‏ يعتمدون علي الرغيف المدعم‏,‏ وبالنسبة للمواصلات‏90%‏ يعتمدون علي وسائل المواصلات العامة المدعمة‏.‏ و‏13%‏ يستخدمون التوك توك دائما او احيانا لأنه يفك ازمة و‏93%‏ يعتمدون علي البوتاجاز والغاز الطبيعي ويخشون من ارتفاع اسعارهما‏.‏ وعن التعليم قال‏89%‏ انهم يعتمدون علي التعليم الحكومي لأن تكلفته اقل من التعليم الخاص علي الرغم من عدم الكفاءة وارتفاع الرسوم وأعباء الدروس الخصوصية‏.‏ وبالنسبة للرعاية الصحية‏51%‏ لا يتمتعون بأية حماية من التأمين الصحي وليس في مقدورهم تدبير تكلفة العلاج والدواء‏.‏ وبالنسبة للإسكان‏3,7%‏ فقط استفادوا من مشروعات الاسكان المدعم و‏96,3%‏ من المحتاجين لهذه المساكن لم يتمكنوا من الحصول عليها‏.‏

كيف يستقبل الفقراء وابناء الطبقة المتوسطة الصغيرة فكرة إلغاء الدعم وتحرير الاسعار والحصول علي مقابل نقدي؟

‏85%‏ طالبوا باستمرار الدعم للسلع والخدمات واستمرار بطاقات التموين لضمان الحصول علي الحد الادني من احتياجاتهم‏,‏ و‏7,9%‏ وافقوا علي البديل النقدي‏,‏ وفي الريف كانت النسبة اقل كثيرا وبلغت‏3,2%‏ وافقوا علي البديل النقدي‏.‏ ومن الواضح أن هناك تخوف لدي الجميع من نتائج الدعم النقدي‏.‏

‏35%‏ من الذين يشملهم نظام التأمين الصحي غير راضين عن الخدمات الصحية التي يقدمها لهم‏.‏ و‏81%‏ قالوا إن اسعار الادوية اصبحت تفوق قدراتهم المالية‏,‏ و‏45%‏ قالوا ان نظام العلاج علي نفقة الدولة غير كاف‏.‏

نتيجة البحث ان الاقتراب من الدعم لابد ان يكون بمنتهي الحذر وان يراعي القرار الواقع الذي يعيشه الناس ولا يعتمد فقط علي النظريات أو علي توصيات الجهات الدولية‏.‏

وإن استمرار الدعم للسلع والخدمات ضروري للحفاظ علي توازن السوق وعوامل العرض والطلب ولحماية الطبقة المتوسطة من الهبوط والانضمام الي الطبقات الأدني وتتحول هي الأخري إلي مستحقة لبطاقات الدعم الكلي‏!‏

تسلم ايديك للموضوع الجامد ده

ولى العوده مره اخرى للمناقشه فى