منتديات نور العيون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات نور العيون


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الفتاة التي صرخت في الزقازيق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
kingkong
مشرف

 مشرف
kingkong


ذكر
عدد الرسائل : 34
العمر : 36
العمل/الترفيه : لا اعمل
تاريخ التسجيل : 15/12/2007

الفتاة التي صرخت في الزقازيق Empty
مُساهمةموضوع: الفتاة التي صرخت في الزقازيق   الفتاة التي صرخت في الزقازيق Icon_minitimeالأحد ديسمبر 16, 2007 11:15 am


فيلم شرطي حضانة الأطفال‏,‏ نشاهد المدرس العملاق أرنولد شوارزينجر وهو بصحبة أطفال فصله خلال تجربة علي كيفية إخلاء المدرسة بسرعة ونظام دون خسائر بين الأطفال‏,‏ ونشاهد المدرسين‏,‏ وهم يلقنون الأطفال مجموعة تعليمات للالتزام بها خلال التجربة‏,‏ وخلال أي حالة طوارئ تقع في المدرسة الكائنة بمدينة صغيرة في إحدي الولايات الأمريكية‏.‏

‏(1)‏
من الحق‏,‏ أن صراخ الطالبات‏,‏ أو بالأصح‏,‏ رقعهن بالصوت هو سبب التدافع وما ترتب عليه من مصرع‏4‏ واصابة العشرات في كلية البنات الإسلامية جامعة الأزهر فرع الزقازيق‏,‏ فلولا أن احدي الفتيات يقولون ان اسمها ميرفت محمد عبدالفتاح‏,‏ صرخت والأغلب أنها لم تكن وحدها التي صرخت بعد أن تطاير الشرر عليها في المدرج نتيجة ماس كهربائي‏,‏ ما كان أي شئ قد حدث‏,‏ ولكن هل كان من المطلوب‏,‏ أن تلزم هذه الطالبة‏,‏ أو الطالبات اللاتي وقعت عليهن الشرارات الصمت الكامل وهن يجدن أنفسهن عرضة لخطر حقيقي؟ من الذي يجرؤ علي مطالبة انسان‏,‏ بأن يلزم أقصي درجات الهدوء ورباطة الجأش في وقت الخطر‏,‏ في حين أنه لم يبذل أي جهد حقيقي لتعليم هذا الانسان كيف يتصرف عند وقوع هذا الخطر؟

الواقع يقول‏,‏ إن الكلية مكدسة بالطالبات‏,‏ وأنهن يتزاحمن بالمدرجات‏,‏ وأن جزءا من المباني كان في الأصل مطعما‏,‏ وأن هناك مبان جديدة مغلقة منذ‏3‏ سنوات‏,‏ وأن الكلية تعاني من نقص حاد في الامكانات وأزمة خانقة في التمويل‏,‏ ويعترف رئيس جامعة الأزهر بأن هذا هو الحال في الوجه البحري بسبب الاقبال الشديد علي التعليم‏!‏؟

وبالطبع‏,‏ فإن الفتيات يأتين الي الكليات الجامعية من القري والمدن المجاورة في الأرياف‏,‏ ومعهن كل عاداتهن وتقاليدهن‏,‏ والمعروف أنه عندما تقع حادثة‏,‏ أو كارثة في قرية أو حي أن تسارع النساء الي الصراخ والولولة بأعلي الأصوات‏,‏ بهدف التنبيه ولفت الأنظار الي أن هناك حريقا أو مصيبة في المنزل الفلاني‏,‏ فيسارع الرجال الي نجدة النساء‏,‏ وكذلك يذيع الخبر نتيجة هذا الصراخ فيعلم من في الحقول بما يجري‏.‏

هذه إذن هي وسيلة النجدة التقليدية في قرانا وبلادنا‏,‏ فما هو خطأ الفتيات في أنهن تصرفن علي سليقتهن‏,‏ وبالذات ان أحدا لم يبذل أي محاولة لتلقينهن أو تدريبهن علي وسائل أخري أفضل للنجدة والتصرف عند حدوث النوازل والملمات؟

‏(2)‏
الحادث يكشف إذن‏,‏ بأقوي الطرق الممكنة الغياب الكامل لمعني الأمن الصناعي‏,‏ والحقيقة أنه لا غرابة في هذا الغياب من بلادنا‏.‏ فإجراءات الأمن الصناعي‏,‏ والتدريبات التي تجري عليها في العالم المتقدم تتم ليس فقط‏,‏ لتجنب الخسائر المادية‏,‏ ولكنها تتم في الأساس للمحافظة علي أرواح البشر‏,‏ وعلي حياة الإنسان بوصفها أغلي قيمة علي وجه الأرض‏,‏ ولأنهم في هذه الدول يحفظون للناس كرامتهم‏,‏ ويحترمون حق الحياة‏,‏ ويدركون أن لحياة الناس قيمة تعلو علي أي شئ آخر‏,‏ لكل هذا‏,‏ يحظي الأمن الصناعي بقيمة كبيرة وأهمية ومكانة محترمة‏,‏ أما نحن؟ فإن قسم الأمن الصناعي في أي مؤسسة أو شركة أو كلية أو جامعة‏,‏ هو مجرد مكتب‏,‏ فيه مجموعة دوسيهات تضم خططا لا تنفذ قط عن إجراءات الأمن في المكان عند حدوث عارض ما‏,‏ واذا كانت هذه المؤسسة مهمة‏,‏ فقد يكون قائد أو رئيس هذه الوحدة أو القسم ضابط شرطة سابق كان يعمل في الدفاع المدني‏,‏ وكفي‏,‏ وعندما يقوم مسئول كبير بزيارة المؤسسة أو الجامعة‏,‏ فإن سيادة الضابط السابق يلتقي به ويحيطه علما بأن كل شئ تمام ولكن الحقيقة‏,‏ أنك اذا تأملت حالة طفايات الحريق‏,‏ أو خراطيم المياه إن وجدت‏,‏ وحالة المنافذ‏,‏
وسرعة الإخلاء‏,‏ وكيفية تنظيم هذه العملية بين الطوابق المختلفة‏,‏ بحيث لا يقع تدافع‏,‏ ودرجة التعاون بين العاملين علي اخلاء كبار السن أولا‏,‏ ثم النساء‏,‏ وأخيرا الرجال‏..‏الخ‏,‏ اذا تأملت هذا كله فلسوف تصاب بالفزع الحقيقي والرعب والارهاب‏,‏ فلقد تم تجميع الناس في مكان ما‏,‏ ثم تركوا لمصيرهم‏,‏ وهكذا يشعر الناس بانعدام القيمة‏,‏ وبأن حياتهم لا تهم أحدا‏.‏

‏(3)‏
فإذا كانت الفتاة القروية عاشت طوال عمرها في قريتها وهي تشعر بأن حياتها لا تعني أحدا‏,‏ وأن عليها أن تحافظ علي حياتها بنفسها‏,‏ واذا كانت عندما انتقلت الي المدينة‏,‏ ودخلت الجامعة‏,‏ لم يعلمها أحد أي شيء آخر بل زاد شعورها بانعدام قيمتها وضآلة وضعها‏,‏ فهل هناك عاقل يستطيع أن يلومها لأنها صرخت بعزم صوتها عندما وجدت نفسها وجها لوجه أمام خطر الموت؟
هل من العدل‏,‏ أن نقول إن البنات أو البنت التي صرخت‏,‏ عندما تساقط عليها الشرر من الماس الكهربائي‏,‏ أنها مايصة أو مدلعة؟ أين المياصة في إنسان يصرخ الحقوني؟ وقد وجد أن من حوله لا يلتفتون إليه‏,‏ ويتجاهلون حمايته؟ هل هناك دلع في رغبة الفرار من الموت؟ هل حاولنا تعليمها هي وزميلاتها ماذا يفعلن عندما يتعرضن لحادث؟ كيف نحكم علي الناس في حين أننا لم نؤد ما يجب علينا أن نفعله لكي نعلمها ونرشدها وندلها علي كيفية مواجهة الطوارئ؟ ثم ما هو العيب الذي فعلته؟ هل يجب عليها أن تلزم الصمت الكامل؟ هل نطالبها بأن تموت في صمت تام‏,‏ وتتركنا ننعم بحياتنا دون أن تنغص علينا بأنها تتعرض لخطر؟ إن هذه الفتاة‏,‏ مثل غيرها من زميلاتها كانت تتوقع عريسا‏,‏ وزفافا‏,‏ وحياة عريضة كاملة بعد التخرج‏,‏ فهل من الظلم أن تتمسك بأحلامها عن المستقبل وتخرس عن مجرد الصراخ؟ هذا في الحقيقة مطلب في غاية القسوة‏,‏ يساوي قتلها بدم بارد‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الفتاة التي صرخت في الزقازيق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات نور العيون :: 
المنتديات العامة
 :: المنتدى السياسي
-
انتقل الى: